اللحظات العصيبة تمر علينا في كافة مراحل حياتنا هذه حقيقة لا مفر منها، ولكن معرفة أن الحزن لا يبقى إلى الأبد كذلك حقيقة أخرى، إن المشاعر مثل الحزن أو الخوف هي مشاعر طبيعية وصحية نعيشها بين وقت وآخر، وأحيانًا تفرض علينا الحياة أن نعقد الصلح مع تلك الأحزان بدلًا من تفاديها، لكي نمنح أنفسنا السلام الداخليّ، وفي أحيان أخرى لا يستطيع البعض السيطرة عليها والتعامل معها مما يؤثر سلبًا على مسار حياتهم بأكمله، وتزداد حدة تأثير تلك المشاعر على مرحلتيّ الطفولة والمراهقة؛ لأن الدماغ يكون في طور نموه وقد تشكل تلك المشاعر صدمات عاطفية ترافقه عواقبها طيلة حياته.
يقول المحلل النفسي سيغموند فرويد: «تنبت العقد من صدمة عاطفية ثم ينسى الإنسان سبب الصدمة، ولكن العقدة تظل حية في نفسه».
أي أن من يعايش صدمات نفسية في مرحلة طفولته كأن يكبر في أسرة مفككة أو يسكن في مناطق النزاع السياسيّ، ويعيش أهوال الحروب أو يتعرض للتعنيف أو الاعتداء الجنسي أو النفسي، تؤثر عليه في حياته عندما يصبح راشدًا وتؤثر في سلوكياته وهويته كراشد.
بالطبع نحن لا نستطيع أن نتحكم أو نوقف الأحداث السيئة في العالم، ولكننا نستطيع أن نحمي ونحصن أطفالنا ضد تلك الصدمات وندربهم على كيفية التعامل مع كل الأحداث الصادمة في حياتهم، والتي قد تظهر آثارها لاحقًا على سلوكياتهم أو تحصيلهم الدراسي، فقد تظهر عليهم أعراض مثل فرط الحركة أو البكاء الهستيري، الكوابيس، الهروب من المدرسة، الإفراط في الثرثرة أو اللعب، ويجب على الآباء الاهتمام لمعرفة الأسباب وراء تلك الأعراض وتداركها قبل فوات الأوان.
يعد الأبوان هما مصدر الأمان والحب للطفل وأي مشاعر سلبية تظهر على الأبوين مثل القلق أو التوتر أو الخوف تنعكس على أطفالهم وتجعلهم أكثر انفعالًا واضطرابًا، لذا على الآباء تجنب إظهار مشاعر القلق والتوتر أمام أطفالهم والحرص على توفير مساحة حوار آمنة مع أطفالهم، رغم أن بعض الأطفال قد يمتنعون عن التحدث مع آبائهم عما يشعرون به، مما يشكل صعوبات في عملية التواصل بين الآباء وأطفالهم، ففي هذه الحالة يمكنهم تشجيع أطفالهم على الرسم أو التعبير الكتابي للكشف عن الآثار النفسية العالقة فيهم ومساعدتهم على تخطي الأزمات.