لجيل يعتز بلغته العربية
نحتفل في هذا اليوم، الثامن عشر من شهر ديسمبر، باليوم العالمي للغة العربية، وقد أعلنت مندوبية المملكة العربية السعودية لدى اليونسكو اختيار (اللغة العربية والشباب) محورًا لليوم العالمي للغة العربية لعام 2018.
فالشباب بناة المستقبل، واللغة مفتاح الثقافة والحضارة، وبها يتناقل الأفراد ثقافاتهم وعلومهم وقيمهم ويتوارثونها.
سنعرض في هذا المقال فضل اللغة العربية وأهميتها، ودور أدب الطفل في تقويتها وإعلائها.
فضل اللغة العربية
العربية لغة أكثر من 422 مليون شخص، وهي واحدة من أقدم اللغات وأكثرها انتشارًا في العالم.
كما أن للغة العربية أهمية خاصة لنا نحن المسلمين، فهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان معجزته في الفصاحة والبيان.
إن اعتزاز الإنسان بلغته الأم يقوي ارتباطه بهويته، فيها يقرأ ما كتبه أجداده ومن سبقوه، ويستفيد من خبراتهم وتجاربهم، ويزداد ارتباطه ووفاؤه لأرضه ووطنه.
واعتزاز المسلم العربي -على وجه الخصوص- بلغته العربية يقوي ارتباطه بدينه.
ولهذا، فمهمة كل مربي ومربية أن يزرعوا في أطفالهم من سن مبكرة الاعتزاز بلغتهم العربية، وأن يحرصوا على تعليمهم إياها، كما يجب أن يشعر الأطفال بأن اللغة العربية ميسرة لهم، وأن تعلمها ممكن، وأن يروا فيمن حولهم الحرص على استعمالها استعمالًا سليمًا والالتزام بقواعدها.
اللغة العربية في مواجهة تعدد اللغات
تتعارض الآراء حول تعليم الأطفال لغات أخرى، فيرى بعضهم أن متطلبات هذا العصر تحتم عليهم تعليم أبنائهم لغات أخرى، ويرى بعض آخر أن تعلم أكثر من لغة من سن مبكرة يفسد لغة الطفل الأم ويبعده عنها.
الاعتزاز باللغة العربية لا يتعارض مع تعلم لغات أخرى، لكن يجب الحذر من أن تطغى اللغة الثانية على اللغة الأم.
من المهم جدًا أن يفكر الطفل باللغة العربية ويحلم فيها، وأن يتحدث بها تلقائيًا.
وتتجلى المشكلة عندما نرى أطفالًا لا يمتلكون مخزونًا لغويًا قويًا في أي من اللغتين، ويعانون في الحديث والتعبير عن أنفسهم.
أو أطفالًا غير قادرين على التواصل مع أقرانهم وأفراد عائلتهم، وبالأخص مع كبار السن، لعدم تمكنهم من اللغة العربية.
فيكون هذا الطفل ضائعًا لا يشعر بالانتماء لأهله ولا للغته.
دور أدب الطفل في تقوية اللغة العربية وإعلائها
عندما أدرك الأدباء العرب سابقًا خطر ابتعاد أبنائهم عن اللغة العربية، وعدم التفاتهم للإرث العلمي والأدبي العظيم الذي تركه علماء العرب في عصور النهضة، بدأوا بالالتفات إلى أدب الطفل، وأصبح كبار الأدباء والمثقفين من أمثال أحمد شوقي يكرسون أوقاتهم للكتابة للطفل، فقد أدركوا أن أدب الطفل مفتاح مهم للعلم والثقافة.
وكان أحمد شوقي في كتاباته يهدف إلى أن يتدرج الأطفال والشباب في القراءة، ويكتسبوا مصطلحات جديدة وتقوى سليقتهم العربية، فيصبحوا قادرين على قراءة أمهات الكتب العربية في كبرهم والاستفادة منها دون أن يجدوا في ذلك صعوبة أو مشقة.
فعندما يستصعب الإنسان علمًا جديدًا، ينفر منه ويبتعد، أما إذا تدرج في القراءة والتعلم، فلن تواجهه صعوبات بالغة تعيقه عن الاستمتاع بآداب اللغة العربية وعلومها، والرغبة في التعمق فيها، بل على العكس من ذلك، سيألفها وينجذب إليها.
ويؤكد المختصون في أدب الطفل أهمية انتقاء المحتوى الذي يتلقاه الطفل في تنمية حصيلته اللغوية.
ولكي يؤدي الكتاب دوره في إثراء المحصول اللغوي، يجب أن يحتوي على كلمات وتراكيب جديدة.
والحرص على انتقاء المحتوى ليس محصورًا على الكتب والقصص وحدها، بل يشمل المحتوى المرئي والمسموع.
لهذا احرصوا على أن يكون ما يتلقاه أطفالكم بلغة فصيحة سليمة خالية من الأخطاء.