في نوفمبر 2019 ظهرت أول حالة من حالات فيروس كورونا في ووهان الصينية، وبعد فترة زمنية قصيرة تفشى الفيروس مثل النار في الهشيم إلى أن وصل كافة الدول في العالم، وأصاب الملايين من الناس وحصد أرواحًا قُدّرت بأكثر من مليون شخص حول العالم، خاض العالم بعد تلك الأحداث حالة من الصدمة والهلع خاصة بعد ما تبعه من إجراءات تتعلق بمعايير الوقاية والسلامة من الفيروس مثل الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي، توقف الدوام في المؤسسات الحكومية واستبدالها بالعمل والتعليم عن بعد، ولا تتوقف المشكلات الناجمة عن وجود فيروس كورونا إلى هذا الحد فهناك الكثير من التبعات و الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية، فجميع الشعوب نالت مأساتها وحصدت نصيبها من الضّرر الذي سببه هذا الوباء سواء نفسيًا أو اجتماعيًا أو ماديًا.
ما هي آثار الوباء على الصحة النفسية للأطفال؟
يصعب أحيانًا على الكبار إدراك الصورة الكاملة لما تعنيه هذه الجائحة، وتتضاعف تلك الصعوبات لدى الأطفال، الأمر الذي يُشكّل مشاعر من القلق والخوف عندهم تتعلق بصحتهم أو خوفهم من الموت أو خوفهم من فقدان آبائهم، كما يحذرُ خبراء الصحة النفسية من التأثيرات النفسية التي تسببها جائحة كورونا على الأطفال، التي تتمثل في تغيير أنماط الحياة، أي ما تعود عليه الطفل، مثل: الذهاب إلى المدرسة أو الخروج للتنزه واللعب بالخارج أو تناول الطعام في الخارج.
لهذا التغيير الحاصل الأثر على آليات التكيف الاجتماعي والنفسي للطفل الذي قد يراوده مشاعر سلبية بسبب الأخبار والمعلومات التي يتم تداولها، مثل: أعداد الإصابات والوفيات، وانهيار المنظومات الصحية في الكثير من البلدان وما يتبعه من إجراءات الإغلاق والحجر.
ما هي مخاطر التأثيرات النفسية التي تسببها الجائحة على الأطفال؟
– إفراط الأطفال في تعلّقهم واعتمادهم على آبائهم، وهو ما يطلق عليه الخبراء النفسيون “بالتعلق غير الآمن” بسبب العزل المنزلي فترات طويلة وقضائهم معظم أوقاتهم مع آبائهم، وابتعادهم عن ممارسة الأنشطة الترفيهية مع أصدقائهم.
– التأثير على مهارات الأطفال في التواصل الاجتماعي واللغة، بسبب ما تفرضه الجائحة من تباعد اجتماعي وحرمانهم من التفاعل الصحيّ مع البيئة المحيطة، وتضاعف حدّة العُزلة الاجتماعية.
– زيادة ساعات استخدام الأطفال شاشات التلفاز والإنترنت، بسبب خاصية التعليم عن بعد، والذي يُساهم في خلق أجواءٍ من القلق للأطفال والآباء، ويؤدي إلى فقدانهم عناصر هامة تعزز مهاراتهم في التواصل الاجتماعي والتفاعل الصحي.
كيف يُمكننا حماية أطفالنا من التأثيرات النفسية لجائحة كورونا؟
– وفّر مساحة نقاش آمنة مع طفلك تتعلق بالجائحة من خلال طرح الأسئلة عليه والاستماع والانتباه الجيّد لما يعرفه طفلك بالفعل، ولا تقلل من مخاوفه ولا تتجنبها دعه يفتح لك قلبه، دعه يعبّر عما بداخله.
– امنح طفلك الطمأنينة عندما يتحدث لك، أخبره بأنه من الطبيعي أن ينتابه شعور الخوف.
– عندما تتحدث مع طفلك عن الحقائق كن صادقًا معه، لا تخفي عنه المعلومات ولكن أخبره بطريقة ملائمة للأطفال.
– احمي طفلك، تأكد من أن طفلك لا يتعرض للتنمر أو يقوم بالتنمر على أقرانه بسبب الاصابة بالفيروس.
– شجع طفلك على أن يكون داعمًا ومحبًا للآخرين، أخبره بقصص عن الأشخاص الذين يقدمون المساعدة في
وقت الأزمات.
– راقب طفلك، دقق في تعابير جسده عندما تخبره عن المعلومات، وتأكد من أن المحادثة التي قمت بها نجحت في طمأنته واحتواء قلقه.
– راقب المحتوى الذي يتابعه أو يتعرض له طفلك، سواء كان عبر التلفاز أو وسائل وقنوات التواصل الاجتماعي، وانتبه من الشائعات والأخبار الكاذبة، وصحح المعلومات بالاستعانة من المصادر الموثوقة، مثل منظمة الصحة العالمية.
– اعمل أنشطة ترفيهية في المنزل، دع طفلك يتعلم أشياء جديدة مثل الرسم أو تعلم لغات جديدة، وشجعه على القراءة.
– أخبر طفلك بأنك على استعداد دائم لسماع أفكاره ومشاعره، ولا بأس بأن يشاركك كل ما يجول في خاطره.
– وأخيرًا.. من المهم تهيئة الطفل نفسيًا للعام الجديد، كن صادقًا مع طفلك أخبرهُ بأنّ العام الجديد لن يكون بمثابة الحل السحري الذي سيجعل كل مشاكل العام الماضي تتبخر، أو سينتهي الوباء لمجرد دخولنا العام الجديد، ولكن رغم ذلك يظل الأمل موجود ويتحدث الخبراء عن احتمالية تراجع أعداد الإصابة بالفيروس وتضاءل الضغط على الأنظمة الصحية في العالم.